محمد بن راشد للشباب: مستقبل الاتحاد مسؤوليتكم
وسط حشد غفير من أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة بشيوخها ومسؤوليها وأكاديمييها وطلابها وطالباتها، زاد على 2000 فرد وأكثر من 100 شخصية إعلامية من 47 دولة، ألقى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، محاضرة تاريخية بمناسبة احتفالات الدولة بالعيد الوطني الأربعين بعنوان “روح الاتحاد” .
وعكست المحاضرة التي ركز فيها سموه على مخاطبة شباب الوطن وفتياته مشاعر سموه الوطنية، واعتزازه الكبير بيوم ولادة اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة الذي عاصره لحظة بلحظة، وقال سموه للشباب: إن مستقبل الاتحاد بيدكم وعليكم مواصلة المسيرة باقتدار، وقال سموه: مستقبل الاتحاد مسؤوليتكم .
وأكد سموه أن دولة الإمارات على مدار الأربعين عاماً الماضية حققت الكثير من الإنجازات الوطنية والحضارية والإنسانية حتى تبوأت مكانة مرموقة بين دول العالم، وأصبحت الكثير من الدول تقتدي بها وتتعلم من تجربتها وتطورها في كافة المجالات، لافتاً إلى أن أهم إنجاز حققته الدولة هو الشباب من أبناء الوطن وبناته فهم المستقبل، وعليهم تقع المسؤولية والأخذ بزمام الأمور لصنع مستقبلهم ومستقبل الأجيال اللاحقة وتحقيق أهداف وطموحات الدولة .
وتحدث سموه عن التحديات العديدة التي واجهت مسيرة الاتحاد، إلا أنه بفضل القيادة الحكيمة من المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد، طيب الله ثراهما، استطاعا أن يتغلبا على كافة الصعاب والتحديات حتى وصلا بالدولة إلى ما هي عليه الآن، مؤكداً أن احتفال الدولة بيوبيلها الذهبي ستكون من أوائل الدول الكبرى وشعبها سيكون الشعب الأول، كما تحدث سموه عن حلمه أيام كان طالباً وأمنيته أن يجد هذه الدولة أرقى دولة في العالم تضم أرقى الجامعات والمستشفيات والوزارات، وغيرها من المؤسسات المهمة، والشوارع الجميلة، مؤكداً أن حلمه قد تحقق برؤية الإمارات مزدهرة .
وتناول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في محاضرته سرداً لتاريخ تكوين دولة الإمارات واتحادها العملاق من واقع داخلي عايشه لحظة بلحظة وليس قراءة من مراجع أو أقوال تقال من الخارج، وسرد المصاعب التي واجهت مسيرة الاتحاد ومنها الانقلاب الذي وقع في إمارة الشارقة ومقتل حاكمها الشيخ خالد، رحمه الله، كما تناول دور دولة الحماية في تأجيج المشاعر السلبية لدى بعض الحكام للوقيعة بين بعضهم البعض، وكذلك بعض الجمل والعبارات الجوفاء من دول عربية التي غررت ببعض الشباب في أواخر الستينات .
وانتقد سموه خلال محاضرته من يتهمون الإمارات أنها اهتمت بالنفط، وقال إن النفط كان الوسيلة التي ساهمت في رقي الدولة وتوفير الحياة الكريمة للشعب، وتوفير المساواة والعدل بين الجميع .
وتخلل المحاضرة إلقاء سموه لعدد من القصائد السياسية والغزلية والوطنية، التي تناولت الشباب ودورهم خلال المرحلة المقبلة، ولاقت اعجاباً كبيراً وتصفيقاً حاداً من فئات الحضور كافة .
استهل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي محاضرته حول “روح الاتحاد” التي القاها على مدار ساعتين أمام حشد كبير من أبناء وشباب الدولة وبناتها في قاعة راشد بمركز دبي التجاري العالمي بقصيدة ترحيب بشباب الوطن مؤكداً لهم أنهم أمل المستقبل، وطالبهم بالعمل والإرادة حتى يستمر اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة قوياً كما هو عليه الآن ومنذ نشأته .
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الذي ظل طوال القائه المحاضرة واقفاً أمام الجميع: إنني فخور أن أراكم في هذه المناسبة وهي اليوم الوطني الأربعون لدولة الإمارات العربية المتحدة، انها مناسبة خاصة جداً ومهمة بالنسبة لي، فالمرء في الأربعين يبلغ أشده، والله سبحانه وتعالى أنزل القرآن على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وهو في سن الأربعين، فهو رقم وسنة مبروكة .
وأكد أن دولة الإمارات على مدار الأربعين عاماً حققت الكثير من الإنجازات، وأكبر إنجاز حققته الدولة واتحادها هم الشباب، مشيراً إلى أن الشباب هم المستقبل، وسوف يأخذون بزمام الأمور، لافتاً إلى أنه سبق وقال في إحدى لقاءاته السابقة إنه في اليوم الوطني الخمسين للدولة سيكون شعب الإمارات من أول الشعوب، والإمارات ستكون في مقدمة البلدان، مؤكداً للشباب أنهم إذا درسوا وعملوا بجد واجتهاد سوف نصل إلى ما نصبو اليه جميعاً ونحقق الآمال التي نحلم بها لدولة الإمارات العظيمة .
الشباب
واعتبر سموه احتفالات شعبنا بيوم دولته الوطني الأربعين بالنضوج كون دولتنا والحمد لله حققت الكثير من الإنجازات الوطنية والحضارية والإنسانية، وباتت لا تنافس الآخرين بل ملاحقة الدول الأخرى كي يقتدوا بها ويتعلموا من دروسها وتجربتها الطويلة التي لم تكن يوما طريقها مفروشة بالورود كما يتصور بعض الشباب الذين ينعمون اليوم بخيرات ومكتسبات دولتهم وحضارتها، وتقدمها على غير صعيد، بل كانت تجربة شاقة ومحفوفة بالإرهاصات والعقبات المادية والمعنوية والتأثيرات الخارجية التي لولا الشيخ زايد والشيخ راشد، طيب الله ثراهما، وإصرارهما ووطنيتهما لما قام الاتحاد ولا تعيشون الآن في ظل دولة قوية وعصرية منفتحة على العالم بكل ثقافاته وانتماءاته .
وأشار صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إلى أن أهم وأعظم الإنجازات التي تحققت لدولتنا في عهد زايد وراشد والآن في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، هو الإنسان، وخاصة شريحة الشباب من أبناء وبنات الوطن الذين يشكلون النسبة الأكبر من مواطني دولتنا ذات الأربعين ربيعاً .
وتابع سموه: “شريحة الشباب هم المستقبل ونحن كقيادة نعول عليهم كثيراً لأن المستقبل لهم، وعليهم تقع مسؤولية أخذ زمام المبادرة لصنع مستقبلهم ومستقبل الأجيال اللاحقة والوصول إلى الأهداف الوطنية وتحقيق آمال شعبنا وطموحاته” .
وقال سموه: اتذكر أنني منذ أكثر من أربعين عاماً عايشت بدايات تأسيس الاتحاد وكنت دوماً مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وأخيه الشيخ راشد بن سعيد، رحمه الله، وكنت حاضرا في كل الاجتماعات وعددها 18 اجتماعاً، لافتاً إلى أن هناك الكثير من الصعوبات والتحديات التي كانت الدولة تواجهها .
ويتذكر سموه أنه في يوم كانت الدولة تحتاج إلى 500 خريج من كافة التخصصات مهندسين وأطباء وغيرهم، لم نجد سوى 45 خريجاً، مؤكداً أن ذلك كان في حد ذاته تحدياً لقيام دولة الاتحاد، وقال إن الاتحاد تعثر أكثر من مرة، وكان على حافة الهاوية لولا وجود زايد بن سلطان وراشد بن سعيد .
وأشار سموه في هذا الصدد بأن بعض من يكتبون تاريخ الدولة يكتبون من الخارج، أو من مراجع، وأقول لهم اليوم انني أتحدث من تاريخ الدولة والاتحاد من الداخل، ومن واقع عشت تفاصيله يومياً، منوهاً بأن أغلبية أبناء الدولة هم من الشباب تحت سن 25 عاماً، ولذلك نريد لهم أن يعرفوا تاريخ دولتهم الصحيح وليس من المراجع .
الحلم
وتابع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قائلاً: قبل فترة كنت مع الشيخ نهيان بن مبارك في جامعة زايد، وسألتني طالبة سؤالاً جميلاً: “هل كنت تحلم عندما كنت طالباً بأن تحقق الإمارات ما حققته من نجاحات وبالمكانة التي وصلت إليها؟ فأجبتها نعم كنت أحلم، ولكن لم استكمل جوابي عليها، واليوم أنا أجيبها “نعم كنت أحلم، والحلم زاد عندما سافرنا ورأينا أمريكا، وأوروبا، وكنت أحلم أن تكون عندنا شوارع مثل شوارعهم، ووزارات، ومؤسسات، وكنت أحلم بأن أرى علم دولة الإمارات مرفوعاً في الأمم المتحدة، وكنت أحلم بأن تكون لدينا جامعات ومدارس على أرقى مستوى، وكان طموحي كبيراً في الوقت الذي كان فيه انشاء مدرسة أو مستوصف يعد عملاً كبيراً، وحلمت كثيراً، وتحقق الحلم، وأصبحت دولتنا اليوم من أرقى دول العالم، وصار لدينا كل ما تمنيته بالعمل والاخلاص من قادة هذه الدولة .
البصمة الوراثية
وتحدث سموه عن الإصرار والبصمة الوراثية ودعا الشباب إلى تفعليها لمواجهة المستقبل، مشيراً إلى أننا جميعاً أبناء الجزيرة العربية، وهذه المنطقة التي عاش فيها الأجداد وأجداد الأجداد، كانت فيها تحديات كثيرة، ولكي يجد الشخص قوت يومه كان يستيقظ في الصباح للصيد أو القنص، كما أن أهل هذه المنطقة هم من حملوا راية الإسلام إلى أوروبا، وآسيا، كذلك إلى الصين، وأهل المطنقة هم الذين حاربوا وقاتلوا، ودافعوا عن هذه الأرض، فالأجداد حاربوا في ليوا، وصدوا المعتدي .
وقال: إن هناك من يقول إن الحملة الفرنسية بقيادة نابليون على مصر في عام 1798 كانت أولى حملات الغزو على الشرق العربي، وأنا أقول إن حملة غزو البرتغاليين على الهند وجوة، والخليج كانت أولى حملات الغزو لأنها استهدفت التجارة التي كانت تعتمد على السفن الشراعية، لأنهم وجدوا أن العرب يسيطرون على التجارة بين تلك الدولة، ولكن الأجداد صمدوا، وبقوا وحموا أرضهم ودافعوا عنها، وحاربوهم في مومباي، وجوة والساحل الشرقي لعمان، حتى سقط البرتغاليون .
بعد ذلك حاول الإسبان ثم الهولنديون وغيرهم، إلى أن تقلصت بعض الشيء التجارة فعاد الآباء وببصمتهم الوراثية التي توارثوها من الأجداد إلى الغوص والتجارة وصارت تجارة اللؤلؤ طيبة وراجت إلى أن ظهر اللؤلؤ الياباني، فاختفت تجارة اللؤلؤ الطبيعي، ولكن اتجهوا إلى أعمال أخرى ولم يتوقفوا حتى شيدت المدارس والمصانع وازدهرت التجارة من جديد .
وتابع سموه: الإنسان يحاول دائماً ولا ييأس، ويكون طموحاً، وهذه البصمة الوراثية التي غرسها الأجداد فينا .
ما قبل الاتحاد
وانتقل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد خلال محاضرته إلى الحديث عن كيفية نشأة وتكوين الاتحاد، مشيراً إلى أن حكام الإمارات التسع في ذلك الوقت قبل تأسيس الاتحاد كانوا يجتمعون، وكان وقتها من خلال مجلس سمي “مجلس حكام الإمارات المتصالحة”، وكانوا يجتمعون اجتماعات طويلة، ولكن هذه الاجتماعات لم تكن تسفر عن شيء، ولا كانت تحل صغائر الأمور، فكيف كانوا سيحلون الامور الكبيرة، ولذلك كان الحل في وجود الاتحاد حتى يحلوا الكثير من الأمور كالحدود مثلاً، وأشار إلى أنهم عقدوا اجتماعات مطولة من دون أي فائدة، وهنا وجدت أن الشيخ زايد والشيخ راشد، رحمهما الله، غير مرتاحين لهذه الاجتماعات لأنهما لم يريا فيها أي مردود إيجابي ولم تكن وقتها هناك ميزانية للمجلس، ولذلك فكرا في درس أسباب عدم نجاح المجلس فوجدا أن من يكتب جدول أعمال اجتماعات المجلس هو ممثل دولة الحماية البريطانية، وبالطبع دولة الحماية لم تكن تريد أن تصبح الإمارات قوة وتتحد، بل كانوا متأكدين أنه لن يتحقق هذا الأمر بينما كان الشيخان زايد وراشد يريدان وطناً قوياً .
طموح زايد وراشد
قال إن طموح الشيخ زايد كان كبيراً وكان يريد التجمع لأنه يرى أن في التجمع قوة، ولكن للأسف لم يكن هناك اتفاق بين الجميع، فقد كان زايد وراشد متفقين على هدف واحد، وكانا يقومان بجولات بين الإمارات التسع لإقناعهم بالاتحاد، ولكن البقية كان لديهم خوف من المجهول إلى أن جاء يوم 18 فبراير عام 1968 وانطلقت المشاورات بين كل من الشيخين زايد وراشد، وبدأت الاجتماعات بينهما في منطقة السميح في البداية وهي قرية بين دبي وأبوظبي، إلا أنه نظراً لقربها من سير الشاحنات والضوضاء قررا الانتقال بالاجتماع إلى عرقوب “السديرة” الغربية، وتم إقامة خيمتين إحداهما للاجتماعات، حيث كان بصحبة كل من الشيخ زايد 3 أشخاص، والشيخ راشد 3 أشخاص أنا كنت بينهم وأصغرهم، وفي المنطقة الجنوبية من المكان تم إعداد خيمة أخرى للطبخ، ووضعت الفرش بداخل الخيمة الأولى وكنت أنا بين الحين والآخر أحضر القهوة وأصبها للشيخين، وصارت الأمور طبيعية وبحثا أمر الاتحاد، في الوقت الذي لم يكن أحد متوقعاً وخاصة الإنجليز أن يتحقق قيام الاتحاد، فالعلاقة التي كانت تربط بين الشيخين زايد وراشد قوية وكلاهما يحب الآخر، وفي عصر ذلك اليوم سمعنا وكنت قريباً من الخيمة الشيخ راشد يقول للشيخ زايد وهو يصافحه أنت الرئيس واتفقا على الاتحاد وكانت الكلمة أهم من التوقيع على الاتحاد، ودعوا باقي الإمارات للانضمام إليهما وفقاً لرغبتهم، وبذلك وضعا حجر الأساس في الاتحاد وكانت الانطلاقة الفعلية لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة والتأسيس الفعلي له .
وتحدث سموه عن علاقة راشد وزايد اللذين كانت بينهما علاقة نسب وقرابة، ورغم أن الكثيرين أرادوا سواء من الأشخاص العاديين أو الحكام أن يوقعوا بينهما إلا أنهم لم ينجحوا على الاطلاق، وأشار إلى أنه بعد توقيع زايد وراشد على وثيقة الاتحاد جاءت في اليوم التالي مباشرة ووقعت كل من قطر والبحرين، وكانت كل منهما إمارة من الإمارات المتصالحة ووقتها تولى الشيخ زايد منصب الرئيس ونائبه الشيخ راشد ورئيس الوزراء كان الشيخ خليفة بن حمد وكان وقتها ولياً لعهد قطر، ولكن بعد ذلك فاجأ الشيخ أحمد بن علي خلال الاجتماع المذكور أن تضم الدولة كلاً من أبوظبي ودبي وقطر والبحرين بينما باقي الإمارات تدخل الاتحاد تحت اسم “إمارات الساحل العربي” وتمثل بشخص واحد يكون رئيساً لهم، إلا أن هذا المقترح رفضه الشيخان زايد وراشد ولم يقبلا به لأنهما كانا يريدان اتحاداً قوياً يضم الإمارات التسع، ومن ثم انسحبت البحرين وقطر ووقعت باقي الإمارات المتصالحة ما عدا رأس الخيمة على وثيقة الاتحاد في وقت لاحق وكان ذلك في يوم 2 ديسمبر .
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن الشيخ زايد بن سلطان كان يرغب في اتحاد من ال9 إمارات وكان ذلك بمثابة الحلم بالنسبة له، وانتهى الاتحاد إلى 7 إمارات، إلا أن المغفور له سعى بحبه العروبي لتكوين مجلس التعاون الخليجي الذي كان أول اجتماع له في أبوظبي .
المصاعب
وأكد أن أول هاوية في طريق اتحاد الإمارات عدم انضمام رأس الخيمة، لافتاً إلى أنه في ذلك الوقت كانت هناك جمل وعبارات جوفاء بعضها مفهوم، والبعض الآخر غير مفهوم، تطلق من بعض الدول العربية وغيرها الكثير استطاعت أن تغرر ببعض الشباب إلى أن جاءت هزيمة ،67 فتغير الناس وهناك من صار شيوعياً أو ماركسياً، حيث جاءت الماركسية إلى العراق ومنها إلى الكويت، ومن خلال بعض الكتب غرر ببعض الشباب وهؤلاء كونوا لجنة تحريض الخلية في ظفار وفي الإمارات، وفكروا أن الدولة ضعيفة، وخاصة مع وجود الإنجليز، وألقينا القبض على مجموعة كانت تحاول الانقلاب ومعهم مساعدة من الخارج، ووضعناهم في مزرعة على طريق العوير، ثم عفونا عنهم، وبعضهم انضم إلى مرحلة البناء للدولة ومنهم من تقلد مناصب رفيعة بعد أن أثبتوا ولاءهم، وبعد إعلان بريطانيا الانسحاب كثير من هؤلاء غيروا فكرهم وانضموا إلى جهود بناء الدولة بشكل جاد .
الهاوية الثانية
وتحدث سموه عن الهاوية الثانية التي واجهت دولة الاتحاد وتمثلت في الانقلاب على حاكم الشارقة الشيخ خالد ومقتله، وكان وقتها الاتحاد طفلاً لكنه كان عملاقاً، وكل واحد يريد أن ينهش قطعة، لافتاً إلى أن الانقلاب كان ضربة قوية للاتحاد، خاصة أن الحاكم المقتول هو الموقع على وثيقة الاتحاد، وكنت وقتها وزيراً للدفاع وتم معالجة الأمر بأقصى سرعة بتوجيهات الشيخ زايد حتى لا ينفرط عقد الاتحاد، وطلب مني وقتها الشيخ زايد بن سلطان معالجة الأمر فذهبت مع مجموعة صغيرة إلى الشارقة، وأول شيء قمنا به هو قطع الكهرباء والاتصالات عن القصر، الذي يتحصن به الشيخ صقر بن سلطان الذي قاد الانقلاب مع مجموعة من الإماراتيين ومجموعة من الخارج، وكانت المخاوف آنذاك أن تكون هناك عمليات دعم كبيرة لهم فقررت إنهاء العملية بسرعة، وتوصلت مع الشيخ صقر بعد دخول القصر إلى اتفاق يقضي بتأمين خروجه وتسفيره إلى الخارج بطائرة إن لم يكن قد تسبب بمقتل أحد، وسجنه إذا تسبب في ذلك، ولم أكن أعرف أن الشيخ خالد قد قتل، فوافق الشيخ صقر وسلم نفسه ومجموعته، وأذكر أنني كنت ملثماً، ولم يعرفني وقتها، ثم بعد ذلك تعرف إليه الشيخ صقر وقبل الاتفاق .
وعلق سموه على بعض الأقلام والأفواه التي تنكر على شعبنا القيم والثقافة والتاريخ التراث والإنسانية وتدعي هذه الأقلام أننا دولة نفط وازدهار معيشي ليس إلا . . قال سموه: “وأنا أقول لهؤلاء البعض إننا دولة غنية ودولة نفط لكننا في الوقت عينه لنا حضارتنا وثقافتنا العربية الإسلامية وتاريخنا الحافل بالإنجازات والبطولات . . إننا نمتلك كشعب كل مقومات الحياة الكريمة القائمة على المساواة والعدل والإنسانية ونمد أيدينا بالخير إلى كل شعوب العالم التي تحتاج لمواقف إنسانية داعمة ومساندة .
واختتم صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي اللقاء بقصائد غزلية ووطنية أضفت على القاعة أجواء من الألفة والحميمية وهدم الحواجز بين سموه وأبنائه وبناته الشباب الذين كانوا فرحين فخورين بهذا الحديث من القائد الفارس إلى أبناء شعبه داعين لسموه وقيادتنا المعطاءة دوام الصحة والعزة والكرامة الوطنية .
شعر
ألقى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال المحاضرة قصائد من شعره تنوعت بين القصائد الوطنية والسياسية والغزلية والتحفيزية للشباب والشابات على حب العمل والاخلاص، ولاقت هذه القصائد اعجاباً كبيراً من الحضور ومن بينهم العديد من الجنسيات الأجنبية من ضيوف الدولة، كما لاقت اعجاباً كبيراً من عموم الحضور، وقوبلت بتصفيق حاد مع كل مقطع من مقاطعها .
100 شخصية إعلامية
حضر محاضرة سموه عن روح الاتحاد نحو 100 شخصية إعلامية من 47 دولة عربية وأجنبية، وتم تخصيص مقاعد أمامية لهم في القاعة، وكان هؤلاء الضيوف حريصين على التقاط صور لسموه بكاميراتهم الخاصة أثناء إلقائه المحاضرة، وأثناء إلقائه القصائد الشعرية، وبعضهم قام بتصويرها بكاميرات فيديو، كما حرصت أعداد كبيرة من القيادات الإعلامية المحلية على حضور المحاضرة التي لاقت استحساناً واعجاباً شديدين من الجميع .
تصنيع الطائرات
أفصح سموه عن معلومة لم يكن يعلمها الكثير من الناس، من مواطنين وغيرهم، إذ قال “كنت أرى الطائرات العسكرية والمدنية، في معرض دبي الدولي للطيران، وأتمنى أن تحظى دولتنا بهذا السلاح، والآن أبشركم بأن مصنعاً في مدينة العين يقوم بتصنيع قطع غيار للطائرات العالمية، وهذا المصنع الوطني هو جزء من أحلامي الوطنية” .
نهيان بن مبارك
الشيخ نهيان بن مبارك كان اول المهنئين لسموه على محاضرته القيمة حيث وجه لسموه عبارات الثناء والتقدير على الدروس التي قدمها لابنائه الشباب من خلال المحاضرة .
بين الجموع
أصر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على إلقاء محاضرته التي استمرت نحو الساعتين، وهو واقف أمام الحضور يتنقل يميناً ويساراً، رغم أنه كان هناك تجهيز مسبق لمنصة لكي يجلس عليها سموه لالقاء محاضرته، إلا أن فضل أن يكون وسط الحضور يوجه إليهم كلماته عن قرب أكبر، وحرص سموه على أن يتخلل المحاضرة بعض القصائد، وبعض الأحاديث التي ساعدت في جذب الحضور بصورة كبيرة للانصات والتواصل مع سموه، كما أصر سموه على مصافحة جموع من الشباب والشبات عند دخوله للقاعة بصحبة عدد من الشيوخ والوزراء .
الحضور
حضر المحاضرة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، ومحمد أحمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي، وسمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، وسمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس هيئة الثقافة والفنون بدبي، وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير الأشغال العامة رئيس المجلس الوطني للإعلام، ومحمد إبراهيم الشيباني مدير عام ديوان صاحب السمو حاكم دبي، والفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي، والفريق مصبح راشد الفتان مدير مكتب صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إلى جانب كبار المسؤولين في الدولة وممثلي وسائل الإعلام المحلية والعربية .
لحظة مهيبة
حرصت أعداد كبيرة من طلبة وطالبات الجامعات في الدولة علي حضور محاضرة سموه وامتلأت قاعة راشد بجموع من هؤلاء الشباب والشابات الذين أنصتوا جيداً إلى حديث سموه، خاصة وأن سموه كان في كل حديثه منصباً على الأمل الكبير المعقود على شباب الوطن وشاباته .
وبمجرد دخول سموه إلى القاعة استقبل بتصفيق كبير، وتعالت الهواتف المتحركة من قبل جموع الشاب والشابات، وحتى الضيوف لالتقاط الصور لسموه على هاتفهم الخاص في لحظة تعد من اللحظات المهيبة لاستقبال شعب لحاكمه بهذا الحب الكبير .
الاتحاد ليس صدفة
أطل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في محاضرته أمس، بمناسبة احتفال الدولة بعيدها الأربعين، على مستقبل الإمارات المشرق، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، من خلال قراءة متأنية لماضيها، عشية تأسيسها، متطرقاً للظروف والصعوبات التي رافقت ولادتها .
لم تكن البداية سهلة أبداً، فالمطبات كثيرة، والمعوقات أكثر، ولكن العزيمة كانت شديدة، والرؤية سديدة، فالشيخ زايد، ومعه الشيخ راشد، طيب الله ثراهما، لم يكلا حتى تحقق لهما ما أرادا، وهو ولادة التجربة الوحدوية الوحيدة التي شهدها العرب في العصر الحديث .
يكشف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في محاضرته التي شهدها المئات من شباب الوطن، للمرة الأولى، عن أن ممثل دولة الحماية البريطاني، كان السبب الرئيس وراء تأخر تأسيس الدولة، لأن بلاده لم تكن تريد أن تصبح الإمارات قوة وتتحد، ماذا يعني ذلك، يعني بلغة أخرى ألا أحد في الغرب يريد لاتحاد عربي أن يقوم .
تحدث سموه عن العديد من المنعطفات التاريخية في مسيرة الاتحاد، والتي كان بعضها على درجة كبيرة من الخطورة، وروى سموه أحداثاً لا يعرفها الكثيرون، وعرج على التاريخ ليؤكد أن أهل المنطقة هم الذين نشروا الإسلام والحضارة والتجارة، وجهدوا وتعبوا على مر العصور، أي بلغة أوضح، أن جينات أهل الإمارات طيبة وخيرة، وبذرتها تمتلك المقومات كافة، التي تؤهلهم لتحقيق النمو ومحاكاة المستحيلات إذا توافرت الإرادة .
سموه أراد من خلال سرده التاريخي لقصة تأسيس الدولة، أن يبعث رسالة واضحة للشباب، مفادها أن ما حققته دولة الإمارات على مدار العقود الأربعة الماضية، من إنجازات يشير إليها العالم بالبنان، لم يكن وليد صدفة، بل كان بعزم قادة البلاد وأهلها .
رسالة أخرى يبعثها سموه مفادها، أن النفط الذي وجد في أرض الإمارات، لم يكن الأساس في نهضة البلاد، بل كان وسيلة استطاعت من خلالها الدولة أن تحقق إنجازاتها، في إشارة إلى أن النفط وجد بكميات أكبر في العديد من دول العالم، ولكن لم يحقق لتلك الدول ما حققه للإمارات، لأن قيادة الإمارات أحسنت استغلاله بالطرق المثلى .
رسالة محمد بن راشد للشباب، أن الاتحاد إنجاز كبير، حققه الآباء والأجداد، وعليهم الحفاظ عليه، وتحصينه بالعلم والايمان والعمل الجاد والمثابرة، لإيصال الوطن إلى مصاف أرقى الدول، وأكثرها رفاهية ومنعة واستقراراً .
عليكم البناء على ما تحقق والسير للأمام بكل فخر وكبرياء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق